www.girl.mam9.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

www.girl.mam9.com

بنات اصحاب
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الاعجاز في القران الكريم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
asmaa
المديرون



انثى السرطان النمر
عدد المساهمات : 88
تاريخ التسجيل : 30/09/2009
العمر : 25

الاعجاز في القران الكريم Empty
مُساهمةموضوع: الاعجاز في القران الكريم   الاعجاز في القران الكريم Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 16, 2009 5:13 pm


القول الثالث: من قال إنّ الإعجاز في المعاني وأما الألفاظ فهي على قارعة الطريق، مثل ما يقول الجاحظ وغيره؛ يعني فيما

ساقه في كتاب الحيوان يقول: الشأن في المعاني أما الألفاظ فهي ملقاة قارعة الطريق. يعني أنّ الألفاظ يتداولها الناس؛ لكن

الشأن في الدلالة بالألفاظ على المعاني، وهذا لاشك أنه قصور لأن القرآن معجز بألفاظه وبمعانيه وبصورته العامة كما سيأتي

في قول من الأقوال الآتية.

القول الرابع: من قال إن القرآن معجز في نظمه، ومعنى النظم الألفاظ المتركبة والمعاني التي دلت عليها الألفاظ وما بينها من

الروابط؛ يعني أن الكلام يحتاج فيه إلى أشياء، يحتاج فيه على ألفاظ وإلى معانٍ في داخل هذه الألفاظ يعبر بها، يعبر بالألفاظ

عن المعاني وإلى رابط يربط بين هذه الألفاظ والمعاني بصور بلاغية، وفي صور نحوية عالية، وهذا المجموع سماه أصحاب هذا

القول النَّظم.

وهذا هو مدرسة الجُرجاني المعروفة العلامة عبد القادر الجرجاني فيما كتب في دلائل الإعجاز وفي أسرار البلاغة، وهذا القول

لما قال به الجرجاني وهو مسبوق إليه من جهة الخطّابي وغيره يعني في كلمة، هو أراد به الرد على عبد الجبار المعتزلي في

كتابه المغني، فإنه ألف كتاب المغني وجعل مجلدا كاملا في إعجاز القرآن، وردّ عليه بكتاب دلائل الإعجاز وأن الإعجاز راجع

إلى اللفظ والمعنى والروابط؛ يعني إلى النظم نظم القرآن جميعا، المقصود بالنظم يعني تآلف الألفاظ والجمل مع دلالات المعاني

البلاغية واللفظية وما بينها من صلات نحوية عالية.

وهذا القول قول جيد؛ ولكن لا ينبغي أن يُقصر عليه إعجاز القرآن.

القول الخامس: من قال في إعجاز القرآن فيما اشتمل عليه، فالقرآن اشتمل على أمور غيبية لا يمكن أن يأتي بها النبي عليه

الصلاة والسلام؛ بأمر الماضي وبأمر المستقبل، واشتمل القرآن أيضا على أمور تشريعية لا يمكن أن تكون من عند النبي عليه

الصلاة والسلام، واشتمل القرآن على هداية ومخالطة للنفوس لا يمكن أن تكون من عند بشر، وهذا قول لبعض المتقدمين وجمع

من المعاصرين بأن القرآن محتمل على هذه الأشياء جميعا..

ولكن هذا القول يُشكل عليه أنّ إعجاز القرآن الذي تُحديت به العرب، والعرب حينما خوطبوا به خوطبوا بكلام مشتمل على أشياء

كثيرة، وكان التحدي واقعا أن يأتوا بمثل هذا القرآن أو بمثل سورة أو بعشر سور مثله مفتريات كما زعموا، وهذا يؤول إلى

ما تميزت به العرب، وهو مسألة البلاغة وما تميزوا به من رِفعة الكلام فصاحته وبلاغته، والعرب لم تكن متقدمة عارفة بالأمور

الطبية ولا بالأمور الفلسفية ولا بالأمور العقدية ولا بالغيبيات، وليس عندهم معرفة بالتواريخ على تفاصيلها ونحو ذلك، حتى

يقال إن الإعجاز وقع من هذه الجهة؛ لكنهم خوطبوا بكلام من جنس ما يتكلمون به -يعني من جهة الألفاظ والحروف-؛ لكنهم

عجزوا عن الإتيان بذلك كلام الله جل وعلا.

القول الأخير –والأقوال متنوعة؛ لأن المدارس كثيرة-: أن القرآن معجز لأنه كلام الله جل وعلا، وكلام الله جل وعلا لا يمكن أن

يشبه كلام المخلوق، وهذا القول هو الذي ذكره الطحاوي هنا قال (عَلِمْنَا وأَيْقَنَّا أنه قولُ خالقِ البَشرِ، ولا يُشْبِهُ قولَ البشر، وَمَنْ

وَصَفَ الله بِمعنَى مِنْ مَعاني البشر، فقدْ كَفَر، فمن أبْصَرَ هذا اعْتَبر، وعَنْ مِثْلِ قول الكفَّارِ انْزَجَر، وعَلِمَ أنَّه بصفاته-التي منها

القرآن- ليسَ كالبشر) وهذا القول الذي أشار إليه لو يتفرغ إليه الشارحون -شارحوا هذه الرسالة سواء من السلفيين أو من

المبتدعة من الماتريديين وغيرهم- في تقرير هذه المسألة، وهو من أرفع وأعظم الأقوال؛ بل هو قول الحق في هذه المسألة: أنّ

كلام الله جل وعلا لا يمكن أن يشبه كلام البشر.

خذ مثلا فيما يتميز به المخلوقات ترى فلانا فتقول هذا عربي، وترى آخر فتقول هذا أوروبي، وترى ثالثا فتقول هذا من شرق

آسيا، لم؟ لأنّ الصفة العامة دلت على ذلك، ولو أخذ الآخذ يعدد لأخذ يعدد أشياء كثيرة متنوعة دلته على أن هذه الصورة هي

صورة عربي، وهذه الصورة صورة أوربي، وهذه الصورة الخَلقية صورة من شرق آسيا وهكذا.

فإذن الصورة العامة بها تتفرق الأشياء، فالذي يدل على الفرقان ما بين شيء وشيء، وأهمها الصورة العامة له.

كلام الناس –إذا انتقلنا من الصورة الخَلقية- كلام الناس يختلف بعضه عن بعض، قول الصحابة إذا سمعنا كلاما نقول هذا من

قول الصحابة أو من قول السلف؛ لأن كلامهم لا يشبه كلام المتأخرين، كما قال ابن رجب: كلام السلف قليل كثير الفائدة وكلام

الخلف كثير قليل الفائدة. فكلام السلف له صورة عامة تعلم أن هذا من كلام السلف، فلو أتينا بكلام إنسان معاصر وبكلمات له

كثيرة وقارناها بكلام السلف لاتضح الفرق.

فإذن المخلوق البشر في كلامه متباين إذا رأيت كلام الإمام أحمد تقول هذا ليس كلام ابن تيمية، ترى كلام الشيخ محمد بن عبد

الوهاب في تقريره تقول هذا ليس بكلام مثلا النووي، إذا رأيت كلام الإمام أحمد تقول هذا ليس كلام أبي حنيفة وهكذا.

فإذن الكلام له صورة له هيئة من سمعها ميز هذا الكلام، وهذا هو الذي أشار إليه الطحاوي بأنّ كلام الله جل وعلا لا يشبه كلام

البشر.

إذا تبين ذلك فإن كلام الله جل وعلا صفته، فهذا القرآن من سمعه أيقن بأنه ليس بكلام البشر، ولهذا بعض الأدباء الغواة مثل ابن

المقفع والمعري ونحو ذلك أرادوا معارضة القرآن بصورة أدبية فظهر؛ بل افتضحوا في ذلك فغيروا منحاهم إلى منحى التأثير

إلى ما أشبه ذلك في كتبهم المعروفة وهي مطبوعة، أرادوا المعارضة من جهة المعاني من جهة الألفاظ أن يأتوا شيء لكن

افتضحوا لأن كلام البشر لا يمكن أن يكون مثل كلام الله جل وعلا.

العرب عندهم معرفة بالبيان هم الغاية في البيان، هم الغاية في معرفة الفصاحة هم الغاية في معرفة تركيب الكلام؛ لكنهم لما

سمعوا القرآن ما استطاعوا أن يعارضوه لم؟ لأنّ الكلام لا يشبه الكلام، لا يمكن، لا يمكن أن يعارضوا؛ لأن كلام الله جل وعلا لا

يشبه كلام المخلوق.

إذا تبين لك ذلك، فنقول إذن: ما نقرره هو أنّ وجه الإعجاز في كلام الله جل وعلا هو أن كلام الله سبحانه وتعالى لا يشبه كلام

البشر، ولا يماثل كلام البشر، وأن البشر لا يمكن أن يقولوا شيئا يماثل صفة الله جل وعلا، والناس لا يستطيعون على اختلاف

طبقاتهم وتنوِّع مشاربهم أن يتلقوا أعظم من هذا الكلام، وإلا فكلام الله جل وعلا في عظمته لو تحمّل البشر أعظم من القرآن

لكانت الحجة أعظم؛ لكنهم لا يتحملون أكثر من هذا القرآن، لهذا تجد التفاسير من أول الزمان إلى الآن وكل واحد يُخرج من

عجائب القرآن ما يُخرج، والقرآن كنوزه لا تنفذ ولا يفتر على كثرة الرد لا من جهة التِّلاوة ولا من جهة التفسير.

إذا تبين لك ذلك فكلام الطحاوي هذا من أنفس ما سمعت وأصح الأقوال في مسألة إعجاز القرآن وهو أن الكلام لا يشبه الكلام.

إذا تبين هذا فنقول كلام الله جل وعلا في كونه لا يشبه كلام البشر له خصائص، فأوجه إعجاز القرآن التي ذكرها من ذكر،

نقول هي خصائص لكلام الله جل وعلا أوجبت أن يكون كلام الله جل وعلا ليس ككلام البشر.

مثل ما يقول الواحد:والله هذا الشعر موزون هذا البيت فيه **ر، حرف واحد نقص قال فيه **ر، أو هذا البيت ما يمكن أن يكون

كذا، لماذا؟ في هيئته العامة؛ لكن برهان يأتيك، يقول لأنه كذا، وكذا، وكذا.

فلان بخصاله دلنا بصفاته حركاته تصرفاته على أنه ليس بعربي، هذه القضية العامة لم؟ له أدلة عليها؛ لكن هذه الخصائص

العرب وما تميزوا به عن غيرهم.

نقول هذا الحديث ضعيف أو هذا الحديث معلول، ما وجه علته؟ مثل ما قال أبو حاتم وغيره ممن تقدمه: إنّ أهل الحديث يعرفون

العلة كما يعرف صاحب الجوهر الزيف من النقي، أنت ترى هل هذا الألماس نقي أو ليس بنقي؟ يأتيك صاحب الخبرة ويقول

هذا ألماس ليس بنقي، أنت ترى ما تعرف تفرق هل هذا نقي؟

هذا الكتاب طبعته طبعة حجرية، الذي لا يعرف ما يعرف، هذا الكتاب مطبوع في روسيا كيف عرفته أنه مطبوع وليس فيه اسم

البلاد؟ هذا الكتاب مطبوع في بلدة كذا في الهند لماذا؟ هذه البرهان ولكن الصفة العامة هي هذه.

ولهذا نقول وانتبه لهذا حتى تخلص من إشكال عظيم في هذه المسألة -مسألة إعجاز القرآن- لتنوع الخطاب فيها وتنوع المراس

فيها نقول:

إنّ كلام الله جل وعلا ليس ككلام البشر، وكلام الله جل وعلا له خصائص ميزته عن كلام البشر.

ما هذه الخصائص كل ما قيل داخل في خصائص القرآن:

أولا: القرآن كلام الله جل وعلا، واشتمل القرآن على ألفاظ العرب جميعا، تجد القرآن فيه كلامات بلغة قريش، وفيه كلامات بلغة

هذيل، وفيه كلمات بلغة تميم، وفيه كلمات بلغة هوازن، وفيه كلمات بلغة أهل اليمن، وفيه بلغات كثيرة بلغة حِمْيَر، (وَأَنْتُمْ

سَامِدُونَ) [النجم:61]، قال ابن عباس: السمود الغناء بلغة حمير.

بعض قريش خفي عليها بعض الكلمات مثل ما قال عمر رضي الله عنه لما تلا سورة النحل في يوم الجمعة -يعني في الخطبة-،

تلا سورة النحل فوقف عند قوله تعالى (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)[النحل:47]، نظر فقال: ما التخوف؟

فسكت الحاضرون، فقام رجل من هذيل فقال: يا أمير المؤمنين التخوّف في لغتنا التَّنَقُّص قال شاعرنا أبو كبير الهذلي:


تخوّف الرَّحْلُ منها تامكا فردا كما تَخَوَّف عودُ النّبعة السَّفِنُ

تنقص، يعني (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ) يعني يبدأ يتنقص شيئا فشيئا، ينقصون عما كانوا فيه من النعمة شيئا فشيئا، حتى

يأتيهم الأجل، عمر القرشي خفيت عليه هذه الكلمة؛ لأنها بلغة أخرى.

هل يستطيع أحد من العرب أن يحيط بلغة العرب جميعا؟ لا يمكن، أن يحيط بلغة العرب جميعا بألفاظها وتفاصيلها؟ لا يمكن،

ولهذا تجد في القرآن الكلمة بلغة مختلفة، وتجد فيه التركيب النحوي بلغة من لغات العرب، فيكون مثلا على لغة حمير في النحو،

أو على لغة [سدوس] في النحو، أو أعلى لغة هذيل في النحو.

فإذن الألفاظ والمعاني والتراكيب النحوية والبرهان تنوَّعت ودخلت كل لغات في العرب، هذا لا يمكن أن يكون من كلام أحد، لا

يمكن أن يحيط هذه الإحاطة إلا من خلق الخلق وهو رب العالمين.

الثاني: الألفاظ، كما ذكرنا ألفاظ القرآن بلغت الأعلى في الفصاحة، والقرآن كله فصيح بألفاظه، والفصاحة راجعة إلى الكلمات

جميعا؛ الأسماء والأفعال والحروف، حتى (الـم) فصيح.

إذن من خصائص القرآن التي دلت على إعجازه أن ألفاظه جميعا فصيحة، وما استطاع أحد -من العرب الذين أنزل عليهم القرآن-

أن يُعيبوا القرآن في لفظه مما فيه كما عابوا كلام بعضهم بعضا، بل قال قائلهم: إن له لحلاوة وإن عليه لطُلاوة. إلى آخر كلامه.

الوجه الثالث: من خصائصه المعاني، المعاني التي يتصورها البشر عند قول كلامه لابد أن يكون فيها قصور، فإذا تكلم البشر

في المعاني العَقدية فلابد أن يكون عنده لاشك قصور، إذا تكلم في العاني التشريعية لابد أن يظهر خلل، إذا تكلم في المعاني

الإصلاحية التهذيبية لابد أن يكون فيها خلل، ولهذا قال جل وعلا (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ

اخْتِلَافًا كَثِيرًا)[النساء:82].

فإذن تنوع المعاني على هذا الوجه الثاني بما يناسب المعاني الكثيرة التي يحتاجها الناس يدل على أن هذا كلام الله جل

وعلا؛ يعني أنه صفته.

هذه خصائص كرم الله جل وعلا، فلو قيل تقديرا: إننا سنصف القرآن الذي هو كلام الله جل وعلا وبه فارق كلام البشر فستعدد

هذه جميعا، فهي خصائص أو أوجه للإعجاز بها صار القرآن معجزا بجميعها، لا بواحدة منها.

الوجه الرابع: أو الخصيصة الرابعة للقرآن: أنَّ القرآن فيه النَّظم مثل ما قال الجرجاني وهو من أحسن النظريات والكلام في

إعجاز القرآن من جهة البيان، القرآن فيه القمة في فصاحة الألفاظ وفي البلاغة، البلاغة متركبة من أشياء؛ متركبة من ألفاظ

ومن معاني ومن روابط -الحروف التي تربط بين ألفاظ والمعاني وتصل الجمل بعضها ببعض-.

فالقرآن إذن من أوجه إعجازه أو من صفاته وخصائصه أن نظمه؛ يعني أن تركيب الكلام والآيات وتركيب الجمل في الآية

الواحدة يدل على أنه الغاية في البيان، ولا يمكن لبشر أو لا يمكن للجن والإنس لو اجتمعوا أن يكونوا دائما على أعلى مستوى

في هذا النظم، ولهذا تجد أن تفاسير القرآن حارت في القرآن، حتى التفاسير المتخصصة في النحو تجده ينشط في أوله تجده

يعجز في آخره، ما تجده ينشط، آخر تجده في البلاغة يريد أن يبين بلاغة القرآن فيجود في موضع ثم بعد ذلك تأتي مواضع

ي**ل، ما يستطيع أن يبين ذلك.

لهذا قال من قال من أهل العلم: العلوم ثلاثة:

علم نضج واحترق. وعلم نضج ولم يحترق. وعلم لم ينضج ولم يحترق.

والثالث هو التفسير، لم ينضج ولم يحترق؛ لأنه على كثرة المؤلفات في التفسير وهي مئات فإنها لم تأتِ على كل ما في


القرآن، لم؟ لأن الإنسان يعجز، يعجز المبين أن يبين عن كل ما في القرآن.،

إذن نظرية النظم التي ذكرها أبي الطاهر الجرجاني في كتابيه دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة -على تفصيل ما فيها- لا شك أنها

دالة على صفة من صفات القرآن.

الوجه الخامس: أنَّ القرآن له سلطان على النفوس، وليس ثَمَّ من كلام البشر ما له سلطان على النفوس في كل الكلام، ولكن

القرآن له سلطان على النفوس بما تميز به من كلام الله جل وعلا؛ لأنه كلام الله جل وعلا، مثل ما صار السلطان على ذلك

المشرك؛ يعني أنه يرغم الأنوف.

ولقد كان مرة أحد الدعاة يخطب بالعربية وفي أثناء خطبته يورد آيات من القرآن العظيم يتلوها، فكانت امرأة كافرة لا تحسن

الكلام العربي ولا تعرفه، فلما انتهى الخطيب من خطبته استوقفته -وكانت خطبته في سفينة-، لما انتهى من خطبته استوقفته،

وقالت: كلامك له نمط، وتأتي في كلامك بكلمات مختلفة في رنتها وفي قرعها للأذن عن بقية كلامك، فما هذه الكلمات؟

فقال: هي القرآن.

وهذا لاشك إذا سمعت القرآن تجد له سلطان على النفس ينبئ النفس على الاستسلام له، إلا لمن ركب هواه.

هذا السلطان تجده في أشياء:

أولا أن آيات القرآن -الدرس قد يطول عشر دقائق بقي مسألتان- أن آيات القرآن في السورة الواحدة -كما هو معلوم- لم تجعل

آيات العقيدة على حدا، وآيات الشريعة على حدا؛ الأحكام، وآيات السلوك على حدا، إلى آخره؛ بل الجميع كانت هذه وراء

هذه، فآية تخاطب المؤمنين، وآية تخاطب المنافقين، وآية تخاطب النفس، وآية فيها العقيدة، وآية فيها قصص الماضين، وآية

تليها فيها من سيأتي، وآية فيها الوعد وآية فيها الوعيد، وآية فيها ذكر الجنة وذكر النار، وآية فيها التشريع، وثم يرجع إلى

آية أخرى فيها أصل الخلق قصة آدم، وهكذا في تنوع.

وهذا من أسرار السلطان الذي يكون للقرآن على النفوس؛ لأن الأنفس متنوعة، بل النفس الواحدة لها مشارب، فالنفس تارة

يأتيها الترغيب وتارة يأتيها الترهيب، وتارة تتأثر بالمثل، تارة تتأثر بالقصة، تارة هي ملزمة بالعمل، تارة هي ملزمة

بالاعتقاد، فَكَوْنُ هذه وراء هذه وراء هذه تُغْدِقُ على النفس البشرية أنواع ما تتأثر به، وهذا لا يمكن أن يكون إلا من كلام من

خلق هذه النفس البشرية، (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)[الملك:14]، فتجد أن القرآن يحاصرك، فأيُّ إنسان أراد أن يفر

لا يمكن أن يفر من القرآن، سيأتيه قوة بآية فيها وصف الكافرين، آيات فيها قوة بوصف الكافرين، آيات فيها قوة بوصف

المؤمنين، آيات فيها العقيدة، فيها الماضي، فيها الحاضر، فيها النبوة، فيها الرسالة، فيها الدلائل، فيها حال المشركين، إلى

آخر ما يحصل على النفس الحية والعقل الواعي الذي يتحرك وعنده همة يحصر عليه الهروب، وهذا لا يمكن أن يحصره في أنواع

النفس البشرية الواحدة إلا من خلق هذه النفس وتكلم بهذا القرآن لإصلاحها، (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)[الإسراء:9].

فكيف إذن بأنواع الأنفس المختلفة، هذا الذي يصلح له الترغيب، وهذا الذي يصلح له الترهيب، وهذا الذي يصلح له وصف الجنة،

وهذا الذي ينشأ عنده الإيمان بالحب وإلى آخره، وذلك الذي ينشأ عنده الإيمان بالجهاد، ونحو ذلك، تنوع الأنفس وخطاب

القرآن للناس جميعا على تنوع أنفسهم هذا دليل ثانٍ على أن القرآن له سلطان على النفوس.

أيضا تجد أن القرآن خُوطب به من عنده فن الشعر وما يسميه بعض الناس موسيقى الكلام؛ يعني رنات الكلام، بعض الناس

عندهم شفافية بالتأثر باللحن، بالرنات، بالصعود والنزول في نغمة الكلام، هذا أيضا هذا النوع من الناس تجد في القرآن ما

يجبره على أن يستسلم له.

لَبيد بن رَبيعة صاحب معلقة وصاحب ديوان مشهور، قيل له: ألا تنشدنا من قصائدك، لم وقفت عن الشعر؟ قال أغناني عن الشعر

وتذوقه –أو كما قال- سورتا البقرة وآل عمران؛ لأن هذا الشيء هو له تذوق في هذا الفن بخصوصه، فيأتي القرآن فيجعل

سلطانه على النفس فيقصره قصرا، لهذا قال جل وعلا (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ(41)لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ

حَكِيمٍ حَمِيدٍ)[فصلت:41-42]، وقال سبحانه (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ
الوجه السادس: أو الصفة السادسة للقرآن أو الخاصية السادسة للقرآن التي تميز بها عن كلام الناس، أن القرآن فيه الفصل في

الأمور الغيبية، فثم أشياء في القرآن أُنزلت على محمد عليه الصلاة والسلام وكان أميا عليه الصلاة والسلام، ما لم يظهر وجه

بيانها وحجتها في كمال أطرها إلا في العصر الحاضر، وهو الذي اعتنى به طائفة من الناس وسموه الإعجاز العلمي في

القرآن، والإعجاز العلمي في القرآن حق؛ لكن له مواضع توسع فيه بعضهم فخرجوا به عن المقصود إلى أن يجعلوا آيات القرآن

خاضعة للنظريات، وهذا باطل؛ بل النظريات خاضعة للقرآن لأن القرآن حق من عند الله والنظريات من صنع البشر، لكن بالفهم

الصحيح للقرآن، فثَم أشياء من الإعجاز العلمي حق لم يكن يعلمها الصحابة رضوان الله عليهم على كمال معناها وإنما علموا

أصل المعنى، فظهرت في العصر الحاضر في أصول من الإعجاز العلمي.

الإعجاز الاقتصادي، الإعجاز التشريعي، الإعجاز العَقدي أشياء تكلم عنها الناس في هذا العصر -ما نطيل في بيانها- وكل

واحدة منها دالة على أن هذا القرآن من عند الله جل وعلا (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)[النساء:82].

الوجه السابع والأخير وبه تختم هذا الدرس: أنّ القرآن من صفاته أنّ الإنسان المؤمن كلما ازداد من القرآن ازداد حباً في الله جل

وعلا، وهذا راجع إلى الإيمان، وراجع إلى أن صفة القرآن فيها زيادة في الهدى والشفاء للقلوب، فالأوامر والنواهي والأخبار

التي في القرآن هي هدى وشفاء لما في القلوب، كما قال سبحانه (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)[فصلت:44]، وهذا سلطان

خاص على الذين آمنوا في أنه يهديهم ويخرجهم من الظلمات إلى النور في المسائل العلمية وفي المسائل العملية، لهذا ما تأتي

فتنة ولا اشتباه إلا وعند المؤمن البصيرة لما في هذا القرآن؛ (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء:9].

فإذن صفة كلام الله جل وعلا في أن المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعلم حدوده ويعلم معانيه، أن عنده النور في الفصل في المسائل

العلمية والعملية،وهذه لا يُلقاها إلا أهل الإيمان (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)[فصلت:44]،(وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ

وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا)[الإسراء:82]، وهذا أيضا سلطان خاص يزيد المؤمن إيمانا، لهذا إذا تليت على

المؤمن آيات الله جل وعلا (زَادَتْهُمْ إِيمَانًا)[الأنفال:2]، زادتهم إيمانا لما فيه من السلطان على النفوس.

إذا تبين لك ذلك فكلام الله جل وعلا قديم النوع حادث الآحاد، والقرآن من الحادث الآحاد وقت التنزل كما قال جل وعلا (مَا

يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ(2)لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) إلى آخر الآيات؛ يعني أنّ

الله جل وعلا تكلم به وكلام الله جل وعلا أوسع من الكلام بالقرآن، والقرآن جاء على هذا النحو؛ لأنه هو الذي يتحمله الإنسان،

الإنس والجن لا يتحملون أكثر من هذا،وإلا لصار عليهم كلفة وعنف.

بهذا يتبين لك ما ظهر لي من تحصيل أقوال أهل العلم بهذه المسألة العظيمة التي خاض فيها المعتزلة،وخاض فيها الأشاعرة،

وقل بل نذر من أهل السنة من خاض فيها على هذا النحو، بل لا أعلم من جمع فيها الأوجه على هذا النحو في كتب العقائد؛ بل

تجدها متفرقة في كتب كثيرة في البلاغة، وفي الدراسات في إعجاز القرآن، وفي التفسير، وفي كتب متنوعة.

وما أجمل قول الطحاوي رحمه الله رحمة واسعة (أَيْقَنَّا أنه قولُ خالقِ البَشرِ، ولا يُشْبِهُ قولَ البشر) وهذا هو الحق فالقرآن

بصورته وهيئته وصفته لا يمكن أن يشبه قول البشر، حتى في رسمه وتنوع آياته وسوره بل لا يشبه قول البشر.

أسال الله جل وعلا أن يغرس الإيمان في قلوبنا غرساً عظيماً، وأن يجعلنا من أوليائه الصالحين، وأن يهيئ لنا من امرنا رشدا.

وأسأله سبحانه أن يوفقنا وأن يوفق ولاة أمورنا لما يحب ويرضى، وأن يجعلنا وإياهم من المتعاونين على البر والتقوى.

كما أسأله سبحانه أن ينور قلوبنا بالدعاء وأن يجعلنا من أوليائه إنه سبحانه جواد كريم، وصلى والله وسلم وبارك على نبينا

محمد.

نريد أن نرجع إلى موضع في مسألة إعجاز القرآن، مسألة طويلة الذيول وما ذكرت متفرق بين مراجع كثيرة.


س2/ هل يوجد في القرآن ألفاظ أعجمية، وما معنى (حم)،(المر)؟


ج/ الجواب: الكلمات الأعجمية في القرآن أعجمية الأصل لكنها عربية الاستعمال، ومعلوم أنّ العرب لما استعملوا هذه الكلمات

صارت عربية كالسندس والإستبرق وأشباه ذلك؛ لأنها لم تأت على أوزان العرب.


فأهل العلم في هذه المسألة لهم قولان:


1_ منهم من ينفي وجود الكلمات الأعجمية أصلا.


2_ ومنهم من يقول هي موجودة لكنها بالاستعمال صارت عربية، وهذا هو الصحيح.

وأما الأحرف المقطعة في أوائل السور (الم)، (الر)، (حم) فهي دالة على إعجاز القرآن، فالحجة فيها عظيمة (الر)، (الم) فصيحة

ألفاظُها؛ يعني هذه الأحرف من حيث الاستعمال، ودالة على أعظم أنواع الإعجاز، أو عن دليل عظيم من أدلة الإعجاز، كيف (المر)

، (حم)، (كهيعص) هذه الأحرف هي الأحرف التي بها يتكلم العرب وينشئون بها الكلام الذي يفاخرون به، فأشعار العرب من

هذه الأحرف، وكلمات العرب وخطب العرب من هذه الأحرف، وما تفاخروا فيه من البيان والبلاغة والخطاب والفصاحة إنما هو

مكوَّن من هذه الأحرف، فالله جل وعلا في بعض السور -في أول بعض السور- افتتحها بالأحرف المقطعة لينبه أنّ هذا القرآن

كلماته وآياته من هذه الأحرف التي بها تنشئون كلامكم البليغ الذي تتحدون به، فهيا استعملوا هذه الأحرف في إنشاء كلام مثل

هذا القرآن، ولهذا تجد أنَّ الأحرف المقطعة في افتتاح السور أغلبها والغالب منها يكون بعد الأحرف المقطعة يكون ذكر الكتاب

والقرآن، لا تجد سورة فيها ذكر الأحرف المقطعة إلا فيها ذكر القرآن، والأغلب أن تكون بعد الحرف المقطعة مباشرة.

خُذ مثلا (الم(1)ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ)[البقرة:1-2]، (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)[ق:1]، (حم(1)وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ)، ﴿يس(1)وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ)

[1-2]، (حم(1)تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)[فصلت:1-2]، (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ)[هود:1]، (المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ)

[الرعد:1]،

كلما ذكر الكتاب كلما ذكرت الأحرف ذكر بعدها الكتاب، وتارة تكون بعد ذلك **ورة مريم (كهيعص) يأتي ذكر القرآن

بعدها.

فإذن إيراد هذه الأحرف المقطعة في أوائل السور لتحدي العرب لتكوين كلام من هذه الأحرف التي يكونون منها كلامهم

وينشئون بها خطبهم وأشعارهم وأن يعارضوا القرآن بمثل هذا الكلام.

س3/ ما رأيكم بمن يقول إن الله ليس له لغة بدليل أنه يخاطب جميع البشر كلا حسب لغته؟

ج/ نقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللغة اصطلاحية، اللغة من آياته (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ

أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ)[الروم:22]، البشر احتاجوا للغات ليتفاهموا فيما بينهم، الله جل وعلا هو الذي خلق البشر وخلق لغات البشر

وجعل اختلاف الألسن دليلا على عظم الباري جل وعلا.

الله سبحانه أعظم من أن يقال فيه إنه يتكلم بكل اللغات، أو أنه ليس له لغة الله جل وعلا أعظم وأجل من ذلك أو نحو ذلك، وما

قدروا الله حق قدره سبحان ربي وتعالى، سبحان ربي وتعالى.

محاضرة للشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وزيرالدعوة والإرشاد في السعودية حرسها الله .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girl-love.mam9.com
 
الاعجاز في القران الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاعجاز في القران الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
www.girl.mam9.com :: النتدى العام :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى: